الثلاثاء، 29 يناير 2013


أ.د محمود الكوفحي يكتب: عندما يتم اختصار الوطن بشخص الملك!!!

 


في كل دول العالم الشعوب تضع الدساتير الخاصة بها لتحدد صلاحيات من يمارس الحكم فيها وتضع قوانين انتخابات لتمارس بموجبها دورها في افراز برلمانات تمثلها وتسهر على راحتها من خلال مراقبة اداء الحكومات نيابة عن الشعوب... اما في بلدي الاردن... فهناك ملك يأمر مجموعة من المنتفعين لتفصيل الدستور الذي يجعل منه شبه اله... يملك كل الصلاحيات في الوقت الذي هو محصن من اي مساءلة... ويأمر حكومة بتفصيل قانون انتخابات لافراز برلمان متخصص في اصدار شهادات البراءة للفاسدين من الزبانية والحاشية واصدار القوانين التي تحمي الفساد والفاسدين... في بلدي الاردن يتم اختصار الوطن بشخص الملك ويضيع حق الشعب في السيادة على نفسه وعلى الوطن... انني اتساءل: هل الاردنيون اقل شانا من سائر شعوب الارض الحرة لكي يقوم فرد واحد بممارسة الوصاية المطلقة عليهم ويصادر حقهم في الحياة الحرة بحجة انهم غير ناضجين سياسيا وغير قادرين على اختيار من يمثلهم؟؟؟!!!

اعطينا الملك 13 سنة من عمر الاردن شكل خلالها 13حكومة كانت كلها فاشلة لم نرى من انجازاتها شيئا وجرى خلالها انتخابات كانت كلها مزورة وتم بيع كل مايمكن بيعه من مؤسسات مملوكة للدولة وتضاعفت المديونية 3 مرات لتصل 23 مليار دولار... ومورست في ادارة الدولة سياسات الولد الهامل في حل مشاكل عائلته عن طريق بيع الاملاك التي ورثها عن الوالد والاقتراض من البنوك الربوية بدلا من العمل بجد والكسب من اجل اعالة عائلته... في ظل ماتقدم ومن باب النصيحة فانني اقول ان على شعبنا التوقف عن التبعية العمياء والتصفيق لكل مايقوله النظام الحاكم بعد ان ثبت بالتجربة ان قراراته خلال 13 سنة كانت كارثية على الوطن واوصلته الى الوضع المزري الحالي... وان على شعبنا ان يتدبر امره قبل الوقوع في الهاوية... لقد عرف اينشتاين الغباء فقال " الغباء هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة "... وقالت العرب المجرب لايجرب... فكيف اذا كان الملك قد جرب منهجه في الحكم وفي تشكيل الحكومات 13 مرة خلال 13 سنة!!!!

وبدلا من ان يتوقف عبث الملك والنظام بمقدرات الوطن ويعيد السلطة للشعب ليمارسها من خلال صناديق الاقتراع... يصر الملك وحكومته على اجراء الانتخابات وفقا لقانون الصوت المجزوء ... بالرغم من رفض غالبية شعبنا للقانون وللانتخابات الصورية الذي برهن عليه الشعب من خلال امتناع الاغلبية عن التسجيل للانتخابات بعد ان انتهت مدة الشهر التي حددها القانون... لقد قاطع الشعب الانتخابات لسببين رئيسيين... الاول لان المطلوب هو استعادة الوطن من النظام الفاسد وليس الاستمرار في النهج الذي ثبت للاردنيين فشله في حل اي من مشكلات الاردن... والذي يتطلب اجراء تعديلات دستورية حقيقية تلغي ما جاء في المواد 34+35+36 من الدستور التي اعطت الملك الحق في اختيار الاعيان وتشكيل الحكومات وحل البرلمان مع اعفاءه من اي مساءلة كما جاء في المادة 30 من الدستور... والسبب الثاني هو ان الاردنيين يرفضون قانون الصوت المجزوء جملة وتفصيلا...

فالكوتات والقوائم والصوت المجزوء التي نص عليها القانون جميعها مرفوضة... لانها تكرس التمييز بين الاردنيين وتفرز برلمانات ضعيفة تاتمر بامر الحكومة والديوان والمخابرات... المقترح بتبديل الصوت الواحد بصوتين او ثلاثة اصوات هو ايضا استمرار للتمييز... ساوضح ذلك الان: تخيل دائرة خصص لها 3 مقاعد وعدد الاصوات 3 لكل ناخب فان هذا معناه ان الناخب مارس حقه الانتخابي 100%... بالمقابل تخيل دائرة اخرى خصص لها 6 مقاعد فان اعطاء الناخب فيها 3 اصوات يعني انه مارس 50% من حقه الانتخابي... وهذا تمييز رسمي بين المواطنين... من ناحية ثانية... القوائم تعطي الاحزاب نصيب الاسد على حساب المستقلين... تخيلوا مثلا ان فيصل الفايز شكل حزبا وقام بدعمه شباب اكلنا الاردن... فانه سيحصد مقاعدا ويصبح رئيس وزراء... بينما لو كان الامر دون قوائم لن يجد العدد الكافي للحصول على اغلبية برلمانية...

لذلك فانا ارفض الكوتات والقوائم والمحاصصة والصوت المجزوء... ثم لماذا لايمارس الاردنيون حقهم في اختيار ممثليهم في البرلمان بشكل حر كما في سائر دول العالم الحرة؟؟؟ لماذا هذه المفاصلة؟؟؟ ولماذا هذا الاصرار من الملك ونظامه على فرض الوصاية على شعبنا!!! من الذي اعطى الحق له ولنظامه لكي يتحكم بنا؟؟؟

كيف يمكن ان يكون الكل رابحا!!!

يحلو للبعض ان يفسر الملكية الدستورية على انها تجريد للملك من صلاحياته... ويحلو للبعض الآخر ان ينظر للملكية الدستورية على انها اسقاط ناعم للملكية المطلقة... أما انا فإنني انظر للملكية الدستورية على انها الحل الذي يحفظ للملك هيبته كراس للدولة وقائدا اعلى للجيش ويعيد لشعبنا حقه في السيادة على وطنه وعلى نفسه... فهي اذا الطريقة الصحيحة التي تمكن الملك من اعادة للحقوق الى اصحابها... فشعبنا هو صاحب الحق في السيادة على كل شيء في الاردن... وليس الفاسدين واللصوص الكبار المستترين بعباءة الملك... و يعلم الملك انه ليس سوى موظف لدى الشعب الاردني... يعمل كباقي الموظفين على خدمة ورعاية مصالح الشعب... لذلك فان الملكية الدستورية هي التطور الطبيعي لنظام الملكية المطلقة... وهي حماية للنظام الملكي من نفسه ومن الفاسدين واللصوص الكبار والصغار معا... اسال الله ان يحسن الشعب والملك التصرف ويقبلوا هذا الحل لكي يكون الشعب رابحا والملك رابحا والنظام رابحا... ويكون الوطن الرابح الأكبر... فنخرج من الوضع المزري الحالي وتبدأ نهضة الاردن الحقيقية التي طال انتظارها..

ونجحت المقاطعة...

لقد نجح شعبنا في توجيه لطمة قوية للنظام من خلال مقاطعة الانتخابات... والمقاطعة رسالة صريحة للملك ان الشعب غير راض عما يجري ولا يقبل الاستمرار بالملكية المطلقة وانتخابات الصوت الواحد... يخطيء من يفسر ما جرى بغير هذا التفسير... كما يخطيء من يقول ان نسبة المشاركة في الانتخابات كانت 56%... فعدد الاردنيين الذين يحق لهم الاقتراع 3.6 مليون وعدد من شارك في الانتخابات بما فيهم من شارك باوراق بيضاء 1.2 مليون مما يجعل نسبة المشاركة حوالي الثلث فقط... ولا داعي للضحك على الذقون بالحديث عن نسبة المسجلين وغير المسجلين فالتسجيل ليس جزءا من الانتخابات في الدول الديمقرطية الحقيقية وانما المهم هو المشاركة في الاقتراع... لذلك فانه على الملك ونظامه ان يعيدوا النظر في نهج "الخاوة" الذي يفرضونه على شعبنا في قراراتهم وان يمتثلوا لارادة الشعب... فشعبنا هو صاحب الولاية العامة وصاحب السيادة على الوطن وليس الملك ونظامه سوى موظفين لدى شعبنا يأتمرون بأمره... ادعو الله ان يوفق الملك ويسدد خطاه على طريق الحق ويهديه ويهدينا سواء السبيل... اللهم اشهد... فهل بلغت..

الربيع الاردني قادم...


لقد نصحنا ونصحنا... وسنظل نقدم النصح للنظام لكي يتوقف عن ممارسة الفساد ومصادرة حق الاردنيين بالسيادة على انفسهم وعلى وطنهم... لاننا هكذا نفهم حب الوطن... لايبدو لغاية الان ان النظام يحسن الاستماع الى اي نصح... بل على العكس هو مستمر في السير بالاتجاه الخطأ وبنفس النهج الذي اوصلنا الى ما وصلنا اليه... ان اصرار الملك على السير بالاتجاه الخطأ... والحديث عن حكومة برلمانية من برلمان لايحظى بالقبول من غالبية شعبنا سيعجل في فجر الربيع الاردني الذي يعيد لشعبنا حقوقه في السيادة على نفسه وعلى الوطن... وفي ممارسة انتخابات حقيقية وليس انتخابات الصوت الواحد... اما الملك ونظامه فانهم سيحصدون مايزرعون... والعاقبة للمتقين... 

الى احرار الامة في كل مكان...


بنظرة شاملة الى المشهد الحالي في جميع دولنا العربية من الامارات شرقا الى المغرب غربا... وتحليل ما يجري الان في منطقتنا فانني اعتقد ان هناك حربا كونية جديدة تشن على امتنا اخطر من الحملات الصليبية في مداها... اساسها الدسائس والمكائد والمكر يشارك فيها عدد كبير من الدول الغربية والشرقية واذنابها من الانظمة العربية تستهدف اطفاء الربيع العربي وتيئيسنا من امكانية نهوض امتنا لكي نظل تابعين للغرب والشرق اعداء امتنا... وليظلوا هم واذنابهم ينهبوم خيرات الامة ويصادرون حقها في النهوض وفي السيادة على نفسها... فالصراع في المنطقة كلها الآن يدور بين معسكرين... معسكر الاخيار الذين يسعون الى النهوض بالامة والاشرار الذين يتآمرون على الامة ويريدونها ان تظل تابعة للقوى الاستعمارية... من هنا، فانني اعتبر ما يجري في اي دولة عربية او اسلامية امر يعنيني لان كل ما يجري مرتبط ببعضه... ومثلما ان امة الحق واحدة فان امة الباطل واحدة... ولن يتوقف قطار الربيع العربي حتى استكمال الاطاحة بجميع رؤوس الطغاة والفاسدين... وحتى تنهض الامة... اسال الله ان يكون معنا ومع الحق... وان لايكلنا الى الفاسدين واذناب الاستعمار... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين...