أ.د محمود الكوفحي يكتب: عندما يتم اختصار الوطن بشخص الملك!!!

في كل دول العالم الشعوب تضع الدساتير الخاصة بها لتحدد صلاحيات من يمارس الحكم فيها وتضع قوانين انتخابات لتمارس بموجبها دورها في افراز برلمانات تمثلها وتسهر على راحتها من خلال مراقبة اداء الحكومات نيابة عن الشعوب... اما في بلدي الاردن... فهناك ملك يأمر مجموعة من المنتفعين لتفصيل الدستور الذي يجعل منه شبه اله... يملك كل الصلاحيات في الوقت الذي هو محصن من اي مساءلة... ويأمر حكومة بتفصيل قانون انتخابات لافراز برلمان متخصص في اصدار شهادات البراءة للفاسدين من الزبانية والحاشية واصدار القوانين التي تحمي الفساد والفاسدين... في بلدي الاردن يتم اختصار الوطن بشخص الملك ويضيع حق الشعب في السيادة على نفسه وعلى الوطن... انني اتساءل: هل الاردنيون اقل شانا من سائر شعوب الارض الحرة لكي يقوم فرد واحد بممارسة الوصاية المطلقة عليهم ويصادر حقهم في الحياة الحرة بحجة انهم غير ناضجين سياسيا وغير قادرين على اختيار من يمثلهم؟؟؟!!!
اعطينا الملك 13 سنة من عمر الاردن شكل خلالها 13حكومة كانت كلها فاشلة لم نرى من انجازاتها شيئا وجرى خلالها انتخابات كانت كلها مزورة وتم بيع كل مايمكن بيعه من مؤسسات مملوكة للدولة وتضاعفت المديونية 3 مرات لتصل 23 مليار دولار... ومورست في ادارة الدولة سياسات الولد الهامل في حل مشاكل عائلته عن طريق بيع الاملاك التي ورثها عن الوالد والاقتراض من البنوك الربوية بدلا من العمل بجد والكسب من اجل اعالة عائلته... في ظل ماتقدم ومن باب النصيحة فانني اقول ان على شعبنا التوقف عن التبعية العمياء والتصفيق لكل مايقوله النظام الحاكم بعد ان ثبت بالتجربة ان قراراته خلال 13 سنة كانت كارثية على الوطن واوصلته الى الوضع المزري الحالي... وان على شعبنا ان يتدبر امره قبل الوقوع في الهاوية... لقد عرف اينشتاين الغباء فقال " الغباء هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة "... وقالت العرب المجرب لايجرب... فكيف اذا كان الملك قد جرب منهجه في الحكم وفي تشكيل الحكومات 13 مرة خلال 13 سنة!!!!
وبدلا من ان يتوقف عبث الملك والنظام بمقدرات الوطن ويعيد السلطة للشعب ليمارسها من خلال صناديق الاقتراع... يصر الملك وحكومته على اجراء الانتخابات وفقا لقانون الصوت المجزوء ... بالرغم من رفض غالبية شعبنا للقانون وللانتخابات الصورية الذي برهن عليه الشعب من خلال امتناع الاغلبية عن التسجيل للانتخابات بعد ان انتهت مدة الشهر التي حددها القانون... لقد قاطع الشعب الانتخابات لسببين رئيسيين... الاول لان المطلوب هو استعادة الوطن من النظام الفاسد وليس الاستمرار في النهج الذي ثبت للاردنيين فشله في حل اي من مشكلات الاردن... والذي يتطلب اجراء تعديلات دستورية حقيقية تلغي ما جاء في المواد 34+35+36 من الدستور التي اعطت الملك الحق في اختيار الاعيان وتشكيل الحكومات وحل البرلمان مع اعفاءه من اي مساءلة كما جاء في المادة 30 من الدستور... والسبب الثاني هو ان الاردنيين يرفضون قانون الصوت المجزوء جملة وتفصيلا...
فالكوتات والقوائم والصوت المجزوء التي نص عليها القانون جميعها مرفوضة... لانها تكرس التمييز بين الاردنيين وتفرز برلمانات ضعيفة تاتمر بامر الحكومة والديوان والمخابرات... المقترح بتبديل الصوت الواحد بصوتين او ثلاثة اصوات هو ايضا استمرار للتمييز... ساوضح ذلك الان: تخيل دائرة خصص لها 3 مقاعد وعدد الاصوات 3 لكل ناخب فان هذا معناه ان الناخب مارس حقه الانتخابي 100%... بالمقابل تخيل دائرة اخرى خصص لها 6 مقاعد فان اعطاء الناخب فيها 3 اصوات يعني انه مارس 50% من حقه الانتخابي... وهذا تمييز رسمي بين المواطنين... من ناحية ثانية... القوائم تعطي الاحزاب نصيب الاسد على حساب المستقلين... تخيلوا مثلا ان فيصل الفايز شكل حزبا وقام بدعمه شباب اكلنا الاردن... فانه سيحصد مقاعدا ويصبح رئيس وزراء... بينما لو كان الامر دون قوائم لن يجد العدد الكافي للحصول على اغلبية برلمانية...
لذلك فانا ارفض الكوتات والقوائم والمحاصصة والصوت المجزوء... ثم لماذا لايمارس الاردنيون حقهم في اختيار ممثليهم في البرلمان بشكل حر كما في سائر دول العالم الحرة؟؟؟ لماذا هذه المفاصلة؟؟؟ ولماذا هذا الاصرار من الملك ونظامه على فرض الوصاية على شعبنا!!! من الذي اعطى الحق له ولنظامه لكي يتحكم بنا؟؟؟